عبدالرزاق بشير الهويدي *
حمامة تبني عشّها عند مدخل بيتي.. قبل أن نجبر على مغادرة بيوتنا في "الرقّة" بدأت ببناء بيت لفتت نظري حمامة (يمامة) لاتفارقه أبداً منذ أن كان على الهيكل.. بنت فيه عشاً أكثر من مرة.. نزيله، وتعيد بناءه مرة أخرى.
عدنا من رحلة النزوح، وبعون الله انتهينا من البناء، وذات يوم سمعت صوتاً غريباً فتحت الباب، وإذا بالحمامة التي كانت تحوم حوله قبل أن يكتمل قد عادت.. حاولت أن أبعدها فأبت.. رحت أراقبها تارة تحوم حول النوافذ وتارة تحوم عند الأبواب، وأخيراً حطت على مدخل البيت، حيث وضعنا بعض الكراسي تحت الدرج.
راحت الحمامة تجمع القش ليل نهار، لتبني لنفسها عشاً يقيها من الحر، ويحميها من المخاطر.. كنت أراقبها، وهي تجمع القش بعزيمة وإصرار من دون كلل أو ملل.. ويوماً بعد يوم اكتمل العش.. وفي الصباح خرجت أتفقد العش وإذا به بيضتان، ولم أجد الحمامة.. انتظرت، وإذ بها تعود مساء وترقد على البيضتين.
![]() |
البيضتان في العش |
أسئلة كثيرة دارت بمخيلتي.. لماذا تمتلك تلك الحمامة هذا الإصرار على البناء؟ ونحن لازلنا نقف على الأطلال.. لماذا اصرت أن تعود؟ وأكثرنا هاجر ولم يعد؟ ولماذا لا تكون تلك الحمامة مثالاً لنا وقدوة؟ لماذا لم تفرط تلك الحمامة بموطنها مثلما فرطنا به؟
وفي المقابل.. هل اقتحام الحمامة لمنزلي من دون إذن مني هو احتلال واعتداء؟ هل تدرك تلك الحمامة أن منزلي ملك شخصي، ولا يحق لها أن تقتحمه، وتبني فيه عشها أم أنها مجرد حمامة لم تجد مأوى كي تضع بيوضها فاختارت هذا المكان؟
* كاتب سوري
* كاتب سوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.