عبدالرزاق بشير الهويدي: همس على شواطئ الغياب

 

عبدالرزاق بشير الهويدي *

سواء كنت عاقلاً أو ربما مجنوناً.. ما عدت أفرق، ففي زمن صار فيه الجنون نكهة الأيام صرت أشتهيه كلما اقترب الصفاء من قلبي، كأنه لص خفي يسرق من حلمي ظل وسن، ويمضي تاركاً خلفه نكهة سؤال بلا جواب.

وبجنون العاقل أسألكِ: أأحملك بين ضلوعي، ام تحملينني في صمتك الثقيل؟ فـتصمتين ويصبح الصمت غشاء أطبق على صرخة الحياة الأولى، كأن الوليد خنقته الحيرة قبل أن يبكي.

في عالمي الذي أتقن فوضاه تسكنين كوهم جميل على شواطئ الحزن.. أنتظر حضورك كل مساء كطيف يخدع الضوء.. يحضر ليهمس ثم يختفي.. يدور في فلك المجهول.. 

يتلاشى، ليعود ويعود.. ليغيب، وأنا على المقعد ذاته أعد ارتجافات الوقت.. أينما سرت كان فنجانك الموعود هو الوجه الآخر للأمل.. وفي غيابك أصبح فنجاني هو الوحيد الذي يعزف صمته.. ولازلت حتى اليوم أرتشف مرارته بلهفة اللقاء الذي لم يكتمل.. لكنني الآن هنا أنتظر فنجان قهوة آخر، لعل اللقاء يعيدنا كما كنا.. وإن عجز الزمان عن لقائنا، فليعلمني كيف أظل في عينيك وطناً لا يغادر.

* كاتب سوري