اليوم كنت أعيد قراءة رسائلك.. وفي كل مرة أكتشف أنك كنت تعلمني القراءة.. في كل مرة تنبت معان جديدة، جديدة كلياً.. هل تراني أبالغ؟ أعرف أنك ستضحك وتقول: "مبالغة عاشقة".. أنت لا يمكن أن تتغير.. كل شيء فيك ثابت إلا عقلك يظل ممتلئاً بوسامة روحك، ويطفح بالأسئلة.. آه من الأسئلة.. هل تذكر عندما سألتني: ما سر العلاقة بين المرأة والمرآة؟ يومها لم أعرف الجواب.. اليوم وبعد رحيلك عرفت السر.. أنت، بكل بساطة.
بالمناسبة.. الرقة اليوم تجلس مثل طفلة في حضن الربيع.. والبارحة رجعنا من سيران عائلي.. ذهبنا إلى جعبر.. وأبلغت البحيرة تحياتك.. تلك البحيرة التي كنت تقول عنها (هذه أنثى مغطاة بالالتباسات.. تجثم على تجاعيد ذاكرة.. لكنني أحبها).. انقضى يوم الجمعة وأنا أستمع للأغاني التي كنا نرددها معاً.. يوم كانت اللحظات ارتحال بين سماء وسماء.. هل يقدر أحد أن يقيس تلك المسافة؟ وكيف تقاس المسافة بين لحظة ولحظة.. غيمة وغيمة؟.. ومن يا تراه في الحب يكون سيد نفسه؟ أعرف.. ستضحك وكأني أراك الآن وأسمعك تردد عبارتك التي أحبها (أم الفلسفة).. تعلمتها وأحببتها منك.. أقصد الفلسفة.. لا.. بل أحببت كل شيء منك وفيك، حتى نزقك.. مزاجك.. جنونك وهذيانك.. أحببت أني نجمتك، وكذلك توريطتك الجميلة.. هذا كلامك (أنت توريطة عليّ التخلص منها).
السبت في الرقة.. سادي وسادة .. ليس في هذا اليوم من فتنة تعبر بي إلى الضفة الأخرى.. سوى رسائلك.. أقرأ فيها (أنا).. أراني وغزلان الدنيا تركض في عيوني.. النجوم والفراشات تنبت على ثيابي.. وقصائد تمجد تفاصيل لن أقولها، فأنت مشاكس وستعرف ماذا أعني.. هل هذا هو الحب؟ ستقول عبارتك عندما يصير للقمر ثغر ويغني.. هذا هو الحب.. هل كنت تقصدني وأنا أغني لك.. (الله.. الله.. لو تسمع: هلي.. شلون بغرامك مبتلي)؟ بلى كنت تقصدني.. أحسست بذلك عندما كان شارع المنصور يمنح كل هبرية تعبره طمأنينة الحمام.. ونحن نجتازه مثل الذاهبين إلى جنة موعودة.. كل شيء حولي قابل للتأويل إلا حضورك بين كلماتك.. حتى أوجاع أمي المصابة بديسك الرقبة.. قابل للتأويل.. بحكم تاريخها المتعوب عليه والمتعب.
احزر من يغني الآن وأنا أكتب لك.. يا الله ما أغبى هذا السؤال.. كم مرة اعترفت لك أنني كلما قرأتك أو كتبت لك.. أستمع ( لقناوة.. يمته تسافر يا كمر ووصيك).. أبيع عمري على أن أراك الآن وأنت تبتسم، ثم ترفع شعرك عن جبينك.. ترجعه إلى الوراء.. يا ربي كم أعشق تلك الحركة.. حيث تبدو فيها كانك طالع من زمن التسكع والفوضى والهيبز.. هل تعلمت أن تستخدم المشط؟.. أم لازلت تتركه على مزاجه وتقول: شعري هو استبدال المضارع بالماضي.
أنت لا تتغير.. سوى أن قلبك مفتوح على الكروم..
* كاتب وفنان تشكيلي سوري
* كاتب وفنان تشكيلي سوري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.