رامي محمد: حلمي يغرق في العسل

 

رامي محمد *

جميعنا في الحياة مسؤولون أمام الناس في التصرفات والتعاملات اليومية، فما بالكم إذا كنا في مناصب مرموقة أو كنا شخصيات عامة تظهر على الشاشات ويشار لها بالبنان، ولن أتطرق كثيراً إلى ما قاله الممثل المصري أحمد حلمي أثناء وجوده في المملكة العربية السعودية الشقيقة، في لقطة أثارت حفيظة الكثير من الناس، ولكني فقط أريد معرفة المغزى من الفن، وهل هو فعلاً مرآة للمجتمع؟ وهل المطلوب مني كمشاهد أن أعدّ الفنان شخصاً ذا قيمة واعتبار، وأن أركض تجاهه أينما ذهب كي أنال إمضاء بخط يده؟

إن الكثير من الناس قد شاهدوا فيلم (عسل أسود) للفنان حلمي عام 2010، والذي ناقش فيه أفكاراً عدة أهمها فكرة التقليل من المواطن في بلده، ومعاملته كمواطن درجة ثانية، وتفضيل كل ما هو أجنبي عليه، ورأينا أنه حاول باستماتة في الفيلم أن يدعم المواطن المصري، وجعله يشعر بقيمته وإنسانيته برغم ما يمر به من محن وشدائد، مما أطلق عليها العسل الأسود، ومر الوقت ووصلنا إلى 2025، ولم نجد تغييراً واضحاً في كلام الفنان، بل إنه أظهر تعجبه من جلوس شخص من بلده في الصف الأول، ولو عددناها دعابة، فهي دعابة غير مقبولة من فنان هاجم الفكرة نفسها في أشهر أفلامه.

الخلاصة، إن أحمد حلمي هو مجرد فنان يتقاضى أجراً على أدائه، وكما قام بدور مواطن مصري يبحث عن حقه، ففي دور آخر قام بتمثيل شخصية النصاب، وفي دور آخر مثّل كذا وكذا، فلا تلوموه على أفكاره ومعتقداته، فهو مجرد مؤدِّ لما حفظه في السيناريو، وما يريده المخرج، أما السادة المشاهدون فهم يبحثون دوماً عن مثالية الممثل الذي يخطف الأبصار، ولكن للأسف عندما تنطفيء شاشة السينما، أو يسدل الستار على المسرح، تظهر وجوه المشاهير الحقيقية، وتظهر ردود أفعالهم من دون سيناريو معد مسبقاً، أو تحت إدارة مخرج صارم، وقتها تبدأ الجماهير في النفور، بعدما تسببت بعض الكلمات غير المسؤولة في غرق أصحابها في الدرك الأسود من العسل.

* كاتب مصري