محمد عوض الجشي
يَا صَدِيقي أَتَعْرُف لِما أسلو قربك، وَاُبْعُد عَنْ لُقْيَاكَ.. ألَا تَسْتَشْعِر مَوَاقِف كَنت أَرَى فِيكَ صديقي.. أخي.. أَنْتَ.. أَنْتَ ومَالِي سِوَاك - تَارَةً تَهيم فِي مناكفات بَهْلَوَانِيَّة لَا تَرْضَى فِيهَا إِلَّا أَن تَكَون أَنْتَ أَنْتَ - تهيم فِي حُمَّى الأنا والأنا.. ولسان الحال.. أنـــا أَنَـــا.. وَدَوِّنِي الْجَمْع.. لا أراهم كأن على العيون غشاوة.. إنهم جفـــــا.
يا صديقي انظر إلى هالتك وهيئتك.. إنها تنضح تحت هالات رمادية.. وذات أصوات فقاعية، وترتدي جلود صولات مفرغة.. أَنَا أَنَا هُنَا دُونَ الجمع، وَأَنَا الطَّاوُوس، وَفِي جَعْبَتي الْفُلُوس، وَصَوْتِيَّ مُجَلْجِل فِي رَحَى النُّفُوس.
يَا صَدِيقِي.. لِتَكُن الْمَسَافَات بَيْنَنَا مِتْراً.. أمتاراً، بَلْ آلَاَف الأَمْتَار.. لندعها تَزِيد وَتَزِيدْ.. وتطفو فوق السطح ليسمعها القاصي قبل الداني.. وليعيها العاقل قبل المخبول.
نَعَمْ لَا أرْغَب أَن أَرَاك أو أقترب منك ومن جانبك.. وَإن خَاننِي اللَّحْظ يوماً.. ألَا تَرَى فِي عُيُونِي جَفَاء لُقْيَاكَ وَإِنْ جَمَعَتنِي الصّدَف فِي هَيْئَتكَ.. أَلَا تُرَانِي كَيْفَ أنْزَوِي مِنْ شَكْوَاكَ وَأنْزَاح رُوَيْداً رُوَيْداً وأتوارى عَنْ عَينَيكَ..
يَا صَدِيقِي دَعنِي وَشَأْنِي وانس وَتَنَاسَ وَلَا تَعد الْبَتَّة إن ظَلَّ دَيْدُنكَ الَأنَا يا أنا.. الأنا يا صاحِ تهيض أواصر الصُّحْبَة وتؤرق مضاجع الأحباب.. يَا صَدِيقِي عُد إلى رَشَدكَ وَاِسْتَقِم وَاِنْبِذ الاِسْتِحْوَاذ وَاِرْتَقِ فِي الكَلم وَوَافَق الْمَنْطِق وَحَجيجهُ وَلَا تَعْدُ عَلَى الْفَلْسَفَة وَاُتْرُكهَا جَانِباً، وَلَا تَتَخَطَّ الْمَفَاهِيم مُطْلَقاً .
ايه صَدِيقِي أراك مُتَجَهِّماً.. إيه وَالله مَا أُرِيد إِلَّا إِصْلَاحكَ وَمَا يعْتَرَي ضَمِيركَ وَمَا يَؤزّ فِي خُلْدكَ كي َتَخْبُو نَاركَ.. دَع عَنْكَ العوالق الْخَاوِيَة الْجَوْفَاء الْبَالِية.. يَا لَهَا مِنْ مُهَاتَرَات ضَوْضَائِيَّة ومناكفات زَائِفة.. إِيَّاكَ إِيَّاكَ الْوُصُولِيَّة وَالتَّزَحْلُق فَوْقَ الأَكْتَاف والتملق ومسح الأجواخ، وَالتَّزَلُّف لِلطَّبَقَات، فَإِنَّهَا تُعِيق الْأَهْدَاف وتذوي بالأوقات وَتَخْبُو أجْنِحَتهَا مَعَ نِهَايَة الْمَطَاف.. عدْ إلى رشدك واحتكم إلى عقلك.. واجتر الكلمة مراراً وتكراراً حتى تخرج بلسماً طيباً مطيباً.
الْمُخْلِص: صَدِيقكَ الذِي صَدقكَ لَا مِنْ صَدَفكَ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.