نشر الدكتور معين هزاع على صفحته في موقع "فيس بوك" مقالاً عن نهر الفرات وبعض ما كتب عنه وفيه من شعر، وننشر هنا مقال الدكتور معين الذي يكشف لنا عن باحث رصين في الأدب.. كتب د. هزاع:
تعلمت السباحة فيه منذ نعومة أظفاري، حملت حبه في قلبي وترحالي، آنستني لياليه الساحرة، فبحت له بعشقي وأودعته أسراري، كلما ابتعدت عنه يعذبني الاشتياق، ويتلجلج في صدري اصطباري.
إنه الفرات الخالد، على ضفافه كُتِبَت سِيَر، وعَبَرَ غزاةٌ، وجرت ملاحم.. جماله يخطف الألباب، ويفتق أخيلةَ المبدعين والأدباء، فتراهم يدينون له بالفضل، فيخلدونه بأجمل الحروف والقصائد.
الفرات والشعر
قال فيه الشاعر عمر بن ربيعة:أَسُعيدَ ما ماءُ الفراتِ وطيبُهُ
منا على ظمإٍ وفَقدِ شراب
أما الأعشى الذي يتغنى بطعم الفرات فيقول:
وردت عليها الريفَ حتى شربتُها
بماءِ الفراتِ حَوْلَنا قصباتُها
ويقول إمام الشعراء (المتنبي)، فيه:
شوقي إليك نفى لذيذ هجوعي
فارقتني فأقام بين ضلوعي
أوما وجدتم في الصراة ملوحة
مما أُرقرقُ في الفرات دموعي
وأمير شعراء العصر الحديث، محمد مهدي الجواهري (أبو فرات)، الذي تغنى كثيراً بالفرات، وهذه أبيات من مطلع قصيدته (يا فراتي):
أي وعيش مضى عليك بهي
وشعاع من شطك الذهبي
والتفاف النخل حولك حتى
لو تقصيت لم تجد غير في
يا فراتي وهل يحاكيك نهر
في جمال الضحى و برد العشي
أي وعيش مضى عليك بهي
وشعاع من شطك الذهبي
والتفاف النخل حولك حتى
لو تقصيت لم تجد غير في
يا فراتي وهل يحاكيك نهر
في جمال الضحى و برد العشي
كما نقل لنا أديب الرقة وعاشقها، الفراتي الأصيل، الطبيب عبدالسلام العجيلي، الكثير من القصص، والحكايات، والروايات، التي استلهمها من البيئة الفراتية، إلى العالمية، وأبدع نصوصاً أدبية وشعراً جميلاً. يقول في إحدى قصائده:
أرى النهر لما جئته متفقدا
تباعد عني موجه ثم أزيدا
كأني لم آلم لشكواه مرةً
ولم أسهر الليل الطويل مهدهدا
وكم ليلة ألفيته في ظلامها
يعاقر كأس الهم في الليل مفردا
سكبت الهوى في شاطئيه قصيدة
فأورق رمل الشاطئين ووردا
وأيضاً كتب الشاعر السوري محمد اليساري، ابن مدينة القامشلي، عن رمزية الفرات وماذا يعني له ما يلي:
"الفرات يعني لي حيزاً مكانياً أكثر مما هو نهر موغل في الماضي، بِقِدَمِه، وموغل في الحاضر بسبب الأحداث الدامية التي تحدث على جانبيه، و موغل في المستقبل إذ أنه في مروياتنا الدينية نهر من أنهار الجنة".
شعراء ديرالزور والفرات
تغنى الكثير من شعراء ديرالزور بالفرات، وأبدعوا أعمالاً شعرية متميزة، فالشاعر والفيلسوف والمفكر ابن ديرالزور (محمد الفراتي)، خلد الفرات بقصيدة شعرية حفظناها عن ظهر قلب، يقول فيها:ذاك نهر الفرات فاحب القصيدا
من جلال الخلود معنىً فريدا
باسماً للحياة عن سلسبيلٍ
كلما ذقته طلبت المزيدا
نحن قتلاه في الهوى و قديماً
شَفّ أباءنا و أصبى الجدودا
باسماً للحياة عن سلسبيلٍ
كلما ذقته طلبت المزيدا
نحن قتلاه في الهوى و قديماً
شَفّ أباءنا و أصبى الجدودا
أما الشاعر المغترب (حسان عطوان)، فقد كتب عن حنينه إلى شواطئ الفرات التي تزينها أشجار الغَرَبْ و النخيل:
أن للفرات نشيد ألهم ملحمتي
بالنخل أكتب ألحاني وبالغرب
كل العيون التي في طرفها حورٌ
أبدعتها بيديّ أعطيتها نسبي
ويبدع الشاعر ماجد الراوي في هذه الأبيات الجميلة:
يلوح بشط الفرات القمر
ببُرد ملاكٍ و وجه بشر
عشقناك يا نهرنا في الزمان
كعشق التراب لماء المطر
وكذا الشاعر أحمد الراوي، يشحذ خياله الخصب ويتغنى بإسلوبه العذب بالفرات:
وليلةٌ بات فيها البدر مرتسماً
في الماء حتى توهمنا قد رسيا
والجسر إذ تعكسُ الأمواه صورته
تريك جسرين مقلوباً ومنتصبا
وليلةٌ بات فيها البدر مرتسماً
في الماء حتى توهمنا قد رسيا
والجسر إذ تعكسُ الأمواه صورته
تريك جسرين مقلوباً ومنتصبا
أنا وأنت.. والفرات
ونجد شاعرنا القدير الأستاذ (فاضل سفان)، يبدع قصيدة جميلة جاء فيها:أنا والفرات غمامتان يضمنا عبقٌ رطيبٌ
رفّت على الدنيا مواسمنا وساحلنا خصيب
ويظل ينشر سرُّنا النائي ويحمدنا الغريب
فاحفظ هواك إذا عشقت لكل سائلة مجيب
منذ أيام سمعت للشاعر الفذ مازن عليوي، إبن الفرات، قصيدة (أنتِ الفرات)، مما ورد فيها:
بهواكِ دفقُ الروح ينتحرُ
يسري إليكِ فيبعد الخطرُ
عن خافقٍ يشتاق أغنيةً
نشوى يرنّم لحنها الوترُ
قد صار دربي من محبتها
مثل الربيع صخوره زهرُ
أشتاق أكتب نبض مغترب
عانى وأضنى شوقه السهرُ
أنتِ الحبيبة صرتِ لي وطناً
أنتِ الفرات وحبك النهرُ
و يتألق الشاعر المغترب (محمد حداد)، في نص فراتي بامتياز حيث يقول:
بي حزن واسع يا أصدقاء
فمن يضمد وطني الجريح
ومن يأخذني إلى الفرات
صاعداً نحوك يا فرات
نازلاً إليك
سابحاً في مقلتيك
ولايفوتني أن أذكر القامات الشعرية الفراتية السامقة، كالشاعر توفيق قنبر، وخالد السلامة، ومصطفى غدير، وصلاح هواس، وتليد صائب، وغيرهم ممن لا يتسع المجال لذكرهم، فجميعهم خلدوا الفرات بأدبهم، و كانوا له بمثابة الأبناء البررة.
إنه الفرات الخالد الذي روى عطشنا بمائه العذب، وضمنا بأفراحنا وأتراحنا، ولايزال يعيش في قلوبنا وذاكرتنا ووجداننا في حلنا وترحالنا.
تمنياتي لكم أعزائي بالخير و السعادة وراحة البال مع الفرات و ذكرياته.
صفحة د. معين هزاع على موقع فيس بوك
https://www.facebook.com/mouin.hazzaa
https://www.facebook.com/mouin.hazzaa
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.