تختلط بعض المفاهيم لدى جلّ كثير من المديرين، على الرغم من أن لهم باع في إدارة المؤسسات والشركات وغيرها من الهياكل التنظيمية وخاصة الكبيرة والتي يتعدى أفرادها العاملين المئات. وقد يصل العدد إلى ما بين ألف إلى أحد عشر ألفاً، إذ إن المَعضلة التي تقع على كاهل الإدارة والمسؤولين والمديرين التنفيذيين، خاصة الذين تبوأوا مهام جسيمة. تحيطهم هالة المنصب وعلو المكانة وطفو السلطة. في إصدار التعليمات واستيفاء الأوامر وتنفيذ التقارير في كل حين وفي أي وقت.. سواء في ردهات العمل أو خارجه. حيث اعتملت في مخيلة تلك الجِبلة من المديرين أن لديهم مفاهيم قيمة سليمة لا يشوبها لبس أو خطأ.. إنها ديمومة الإرشاد المرتجى Full of Guidance والذي لا شك يغدو بين ليلة وضحاها كرات هلامية وفقاقيع صابون تتلاشى في الهواء الطلق.
الهالة العابرة
نعم.. تلك المفاهيم والأسس التنظيمية تمر مرور السحاب وإن حملت في طياتها سمة المسؤولية، وأبرزت هول ومكانة المدير – إلا أنها تبقى شكلية في كثير من الأحيان، والتي ينبغي على المديرين أن ينبذوها على مر الأيام والأحوال. ولا يقع اللوم على تلك السِمة بقدر ما تصبح في المخيلة أنها تصبح وتغدو أطروحة روتينية يومية ينبغي ممارستها وتقبلها.. وهذا من شأنه ان يصنع لغة التعجرف والاستعلاء من دون مرتكز لما ستؤول له الأيام والسنين بعد التقاعد وبلوغ سن اليأس. فربما تصبح معضلة تناوش الكثير ممن دأبوا واستمرأوا تلك الشاكلة. والتي ظنها بعض المسؤولين المستشارين أنها من صميم البروتوكول الإداري الممتاز والمتعارف والمتداول عليه في الإدارات الغابرة وتعتمدها الإدارات الحديثة، ومع التغيرات التي تطرأ على عجلة الحياة تبين أنها السلبية برمتها وبكل أبعادها وفلسفتها. وتلك النقلة التي غلبت في ظن البعض كانت غائبة عن الوعي الذاتي Self Conscious.
وعلى سبيل المِثال، حين يقدم المدير إلى ميدان عمله، يرى أحد معاونيه أو أفراد من المراسلين الموظفين يبادرون فوراً لفتح الباب على مصراعيه، كي يتسنى له الدخول مزهواً مفاخراً من دون أن تلمس يداه قفل الباب أو حتى سطحه. تلك المنهجية التي غَلب عليها التكرار والمداومة قد خلقت ترهلاً مزمناً في يد المدير ومع طيات الزمن قد لا يحسن إمضاء القلم أو شطب قرار إداري كان في الماضي قبل أن ينال منصبه (يلاعب) الأوراق بيده وحسب ما تمليه مصلحة العمل.
العادة تتجذر بلا هوادة
التماهي والاحتكاك الفعلي بين المدير والموظفين لها شأن تنظيمي يعزز التواصل المرئي وخلافه، إنها سمات عملية الابتكار التي تنبئ عن حسن إدارة المحتوى وتتحصن في الإتقان المنبثق ثقة وتداولاً في سائر الأعمال المنوطة وغير المنوطة، ويلزم الإدارات والأقسام أن تتخذ مسار التعاون العملي الفعلي في حٌسن الصحبة والاتكاء الأخوي بين الموظفين. وما إن يمضي المدير المسؤول إلى مقر عمله في شغف وإنكار للذات، حتى إذا ما هرع أحدهم لفتح الباب سرعان ما يشير المدير إليه بالانزواء.. وإن المدير يستطيع الولوج لردهة مكتبه بدفع وفتح الباب بيده.. إذ إن تكرار تلك (المناولة) تتجذر في خلد المسؤولين والمساعدين وفراشي المكاتب الابتعاد عن محاكاة فتح الأبواب للمديرين وما يشابههم ويشاكلهم.
أجل.. تلك الرؤية يجب أن تظل منحنى ومسلكاً يجب التحلي به في جميع ميادين العمل برمته (مصانع – مزارع – مستشفيات – ورش – عمليات حفر واستصلاح أراضي – بنوك – واحات بناء – مشاريع قيد الإنشاء – محميات – جزر صناعية – دراسة بيئية – منتجعات – مولات – فنادق – دور ترفيه – مسرح فنون ودور تعليمية جامعية الخ..)..
أيها المدير الفَطِن اللبيب الحاذق المتمرس المَتفَرِس.. افتح باب المكتب بكلتا يديك.. سَلِمَت يداك. أليس كذلك؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.