رامي محمد *
قديماً قال الفيلسوف الإغريقي هرقليطس "كل شيء يتغير وسيبقي يتغير إلا التغيير ذاته"، فالتغيير ناموس من نواميس الكون، وهي حقيقة واقعة حتى لو حاول البشر مقاومتها بكل السبل.
فمن منا لا يمتلك مخزون ذكريات وصور في مختلف مراحل العمر، مما يجعلنا نقوم باسترجاعها كل فترة لنلاحظ كمّ التغييرات التي حدثت لنا، مما يصيب البعض بالحزن والرغبة في العودة إلى الماضي، وبالطبع لا نستطيع أن نعيد آلة الزمن إلي الخلف، ولكننا نجد البشر بطبيعتها كارهة للتغيير، خاصة إذا كان هذا التغيير سلبياً، فنجد على سبيل المثال أبطال المصارعة الحرة القدامى يعودون كل فترة إلى الحلبة بعد الاعتزال بسنوات طويلة، راغبين فى خداع أنفسهم قبل المتفرجين بأنهم مازالوا في مرحلة الشباب والقوة واللياقة البدنية، كأن الزمن توقف عندهم، متجاهلين أثر التقدم في العمر.
هذا الأمر يمكن قبوله في الرياضة، لكن الذي لا يمكن قبوله أو تفهمه هو ما يفعله الكثير من كبار السن من الموظفين والمسؤولين في مختلف أرجاء الدول العربية، وبشكل فج لا يرغب هؤلاء في الرحيل عن الكراسي، رافضين إفساح المجال لجيل جديد بفكر جديد يواكب عصره، متحججين بأنهم هم أصحاب الخبرة الذين لا يمكن أن تسير الأمور من دونهم، مزاحمين الشباب في المجالات كلها، مما أدى إلى ارتفاع معدل البطالة، وزيادة حالات الاكتئاب واليأس لدى الشباب الصغير، الذي تضيع أحلامه أمامه دون القدرة على فعل شيء.
وهذا لا يعني أن تتخلص الدول من ذوي الخبرات، ولكن لابد من إحداث مزيج مناسب بين العنصرين، فلا يطغى أحدهما على الآخر، وليتم نقل الخبرات لمن هم أقل عمراً في سلاسة، وذلك ضرورة إذا أرادت الدول أن تتقدم، وإلا فسوف تظل في مكانها بلا حراك، رهينة أفكار رجعية جامدة عاجزة عن توفير حلول لمختلف المشكلات، ولنعلم أن رياح التغيير قد تكون نسيماً خفيفاً إذا تقبلناه بصدر رحب، أما من لا يتقبله فسوف يأتي إليه حتماً ولكن في صورة رياح عاتية تقتلع جذوره.
* كاتب مصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.