غلاف كتاب آليات ترجمة النص اللساني |
صدر أخيراً كتاب "آليات ترجمة النصّ اللّساني" للباحثة الدكتورة يمينة حاج عن دار ألفا دوك بالجزائر والذي تقدم فيه الباحثة دراسة شاملة عن الترجمة، باعتبارها تقنية، أو آلية إجرائية، اتّكأ عليها الإنسان حينما أراد الاتصال بغيره من الشعوب الأخرى قصد استلهام ما يمكن أن يُحقّق نهضته، أو يُطوّرها، وكان هذا من خلال التّرجمة المباشرة المتمثلة في ترجمة الكتب، أو من خلال التّرجمة غير المباشرة المتمثلة في تبادل الأفكار؛ الأمر الذي جعل منها في نظر الباحثين، الوسيلة الأولى في تحقيق عالميّة الخطاب الفكري بين الجماعات البشرية.
وتؤكّد هذه الباحثة على أنّ اللّغة شكّلت الأداة الأولى في الاتصال، أو في النقل، أو الاقتباس، إذ يُطلُّ المصطلح بوصفه عنصراً أساسيّاً في هذه العملية؛ ذلك أنّه بقدر التحكُّم فيه، تتحقّق الفعالية المرجوّة، والعكس صحيح.
وقد أدرك الدارسون والباحثون هذه الأهميّة في كلّ التخصُّصات، والحقول المعرفية، والحقل اللّسانيّ واحدٌ من هذه الحقول، حيث نالت دراسة المصطلح فيه مكانة مهمّة من خلال تثبيت المصطلحات اللّسانية العلمية، وضبط مفاهيمها، والتدقيق في معانيها، ومحاولة توحيدها، ومن ثمّ إشاعتها.
وتضيف الباحثة أنّ التطوُّر الذي شهده الدرس اللّساني الغربي، فرض على الباحث العربي أن يقوم بالاقتباس من الحضارة الغربية، لمواكبة هذه الحركة العلمية، والاستفادة منها، وشكّل فردينان دي سوسير رائداً لها، فكان فعلُ التّرجمة هو الطريق للتعريف باللّسانيات، وإدخالها إلى الثقافة العربية، لكنّ ذلك التفاعل حكمته الأهواء والميول الشخصية البعيدة عن كلّ منهجية علمية، فكانت الكارثة، إذ تباينت الآليات الترجمية، وتباينت معها المقابلات العربية للمصطلحات الأجنبية بطريقة يصعب وصفها، وأضحت إحدى العوائق المهمّة التي بترت سيرورة الدرس اللّساني العربي المعاصر، وشلّت تطوُّره؛ فبدلاً من أن ينطلق المتلقّي العربي نحو المعرفة اللّسانية ناقداً، وقف حائراً أمام الكمّ الهائل من المصطلحات اللّسانية التي تسرّبت إلينا من ثقافات لسانية مختلفة.
وقد تُرجم كتاب دي سوسير إلى خمس لهجات عربية (التونسية، والسورية، والمغربية، انطلاقا من التّرجمة الفرنسية)، في حين أُنجزت الترجمة العراقية، والفلسطينية انطلاقاً من التّرجمة الإنجليزية، ممّا أسهم، بحسب مؤلّفة الكتاب، في إيجاد فوضى مصطلحية، عجزت جميع الهيئات على معالجة آثارها إلى الآن، لأنّها تمّت بطريقة تُقصي شروط البحث العلمي.
وتشير مؤلّفة الكتاب إلى أنّ هذا الإصدار جاء تعبيراً عن رغبة في الإسهام البحثيّ في تلك الدراسات اللّسانية التي تتناول التّرجمة، ومحاولة لإثارة تساؤلات حول هذا الوضع والإجابة عليه.
كما تهدف هذه الدراسة إلى تقديم أحد معالم التفكير اللّساني، ومؤسّس اللّسانيات الحديثة اللُّغوي السويسري فرديناند دي سوسير (1857/1913).
وقسّمت الباحثة هذا الكتاب إلى مدخل، وثلاثة فصول، أوّلُها حمل عنوان "إشكالية ترجمة النصّ اللّساني"؛ وضمّ أربعة مباحث هي (ماهية الترجمة، والترجمة والفكر اللساني المعاصر، ومصطلحات أساسية في الترجمة، والترجمة من المنظور اللساني)، و"لسانيات النصّ بين النشأة والتطوُّر"، وضمّ ثلاثة مباحث هي (النصُّ بين المفهوم والماهية، وثنائية الخطاب والنصّ، وعلاقة علم النصّ بالعلوم الأخرى).أمّا الفصل الثالث، فحمل عنوان "دراسة تطبيقية لأعمال دو سوسير- كتاب محاضرات في اللّسانيات العامة – أنموذجاً - Cours de linguistique général، وضمّ ثلاثة مباحث هي (فردينان دو سوسير، أعماله، وملخصات ترجمات كتابه Cours de linguistique général، وقراءة في ترجمات كتاب دو سوسير، ودراسة مقارنة بين الترجمات الخمس لكتاب دو سوسير من خلال فقرات مختارة).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.