رامي محمد *
كانت غابة جميلة ذات مساحات شاسعة، وكانت تزخر بالمئات من الحيوانات المتنوعة، تزينها النباتات بألوانها المختلفة، تتوسطها جداول مائية خلابة، وكان الجميع سعداء يتركون صغارهم بلا خوف لتلعب وتركض على الحشائش الخضراء، وذات ليلة زار الغابة بعض الحيوانات من الاماكن البعيدة، وبدؤوا في التنقل من مكان لآخر داخل الغابة، فانبهروا بجمالها، وأصابهم أسهم سحرها، ثم طلبوا من الحيوانات التجمع لبدء حديث مفتوح معهم، ثم قال أحد الحيوانات الزائرة:
يا لها من غابة كبيرة جداً، هذا يجعل البحث عن الطعام والماء أمراً صعباً للغاية عليكم، لماذا لا تلحقون بنا في الحدائق المخصصة لكم، كما أن الحراس سوف يعتنون بكم، وسوف تجدون الطعام الجاهز بلا عناء، كما سيعطيكم بعض الزوار طعاماً أيضاً، فما رأيكم يا سكان الغابة.
ظل الجميع في حالة صمت، يفكرون في العرض الذي يبدو أنه سخي.
ثم صاح البعض بالموافقة والثناء على الكلام، بل والاستعداد للرحيل من دون تفكير، فلا داعي للعمل طالما سوف يتوفر لهم كل شىء بلا عناء، وفي المقابل ظهرت أصوات من كبار الغابة معارضة تماماً ترك غابتهم وغابة أجدادهم، وظلت أصوات فى المنتصف تترقب وترى إلى أين تميل الكفة.
ليقاطعهم الضيوف قائلين: حسناً سوف نترككم تفكروا في الأمر، وغداً نعود إليكم تكونوا قد اتفقتم على قرار.
وقبل أن يرحلوا قرروا أن يجتمعوا مع الحيوانات الموافقة على الرحيل، ووعدوهم إذا نجحوا في إقناع باقي الحيوانات الأخرى سيكون لهم جائزة كبيرة.
وفي صباح اليوم التالي بدأت الحيوانات في عمل اجتماع لبحث الأمر، ولكن كلاً منهم قد تغير وتحولوا إلى أحزاب، وتعالت الأصوات، ووصل الأمر إلى الاشتباك بالأيدي، وتم إلغاء الاجتماع بسبب الفوضى العارمة التي حدثت.
وحينما عادت الحيوانات الزائرة وجدت الحرائق تشتعل فى الغابة، والحيوانات تضرب بعضها البعض، بينما هرولت حيوانات أخرى للرحيل خوفاً على حياه أبنائها بعد أن كانت تتركهم بلا قلق.
ومن ثم بدأت تتدخل الحيوانات الزائرة، وتسيطر على الغابة لنشر الأمن والأمان، وإغاثة الضعفاء، وتشجيع الهجرات إلى الحدائق المخصصة لكل حيوان، ومن هنا لم تعد الغابة كما كانت حتى اليوم.
* كاتب مصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.