عبدالقادر رالة |
تتوسط أشجار الصنوبر الملعب البلدي والمركز الرياضي مقابل بناية مركز التكوين المطلية باللون الأرجواني، في الطريق المؤدي إلى الثانوية الجديدة..
أشجار ترتفع عالياً في السماء، عملاقة، وجذوع بالية اللحاء، تعود إلى ما قبل الحقبة الاستعمارية..
أعادت مصالح البلدية منذ أربع سنوات تهيئة المكان الذي تسكن فيه الأشجار تهيئة بسيطة، وقد قيل عن ذلك كل ما قيل من لغو عن المبالغ الضخمة التي صرفت.. لكنها أفرحت سكان مدينتنا الصغيرة وبالأخص الشباب، فتلك المسالك الإسمنتية بين الأشجار سهلت عليهم وشجعتهم على ممارسة رياضة الركض، وكذلك الأعمدة الحديدية وأخرى بلاستيكية رغّبتهم أكثر في ممارسة الرياضة...
يمتلئ المكان كل مساء وتنشط الحركة فيه، فالشباب يمارسون الرياضة، وبعض الكهول يجلسون تحت الأشجار يلعبون الدومينو، وعند السور يجلس بعض الشبان يثرثرون ويتبادلون النكات، أو ذاك الشاب الوحيد الذي اعتاد أن يجلب معه كتاباً يطالع فيه، وللأطفال أيضاً مكان يلهون فيه بالأرجوحات..
لكن لا أحد من مرتادي ذلك المكان يعرف بأن تلك الشجرة العملاقة التي يميل لون لحائها إلى السواد، علّق عليها أحد أبطال مدينتنا الصغيرة، في سنوات الكفاح المسلح، إذ وشى به احد الحركى اللئام فقبضَ عليه ونُفد فيه حكم الشنق في الليل حوالي الساعة العاشرة ونصف ليلاً..
وقيلَ إن أصواتاً مرعبة كانت تسمع لسنوات طويلة في الليل وحتى في وقت الظهيرة في فصل الصيف، فلم يكن أي أحد يجرؤ أن يجلس هناك لوحده، لا من المعمرين ورجال الدرك الفرنسيين، ولا من سكان مدينتنا الصغيرة، واستمر ذلك الخوف، حتى بداية التسعينات لما أنجز الملعب البلدي بجانب أشجار الصنوبر..
* كاتب وقاص من الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.