عبدالعليم مبارك *
إذا كان الشَّطر الأخير من الحكمة الشهيرة يقول إن "مُتصنع الحب تفضحهُ المصالح"، فيجوز لنا القول إن المصالح ليست وحدها ما تفضحه بل تفضحه مشاعره ونظراته، حضوره وغيابه معك في الوقت نفسه، مواقفه، تصرفاته وأفعاله معك حتى وإن أبدى هياماً وعشقاً بك؛ باختصار متصنع الحب لن تحس بحبه لك ولو أهداك بدل الوردة وروداً وبدل الحضن عناقاً وبدل الوعد وعوداً.
أذكر أن صديقاً لي تعرَّف على فتاة ورسم عليها الحب وظل يواعدها جهراً وسراً لدرجة أن كل أهل الحي باتوا على علم بعلاقتهما الغرامية المغامراتية، إلى أن جاء يوم الحسم حين تقدم أحد أصدقاء أخيها لخطبتها فهرولت المسكينة إلى من كانت تظنه حبيبها وفارس أحلامها لتخبره بالأمر وتستجدي حبه، لتتفاجأ بكمية الأعذار الواهية التي لا أساس لها ولا مبرر لها سوى الهروب من هذه العلاقة والتنصل من هذا الحب المزعوم.
ربما أكبر خيبة يتعرض لها المرء تأتي دائماً ممن كان يعتقد أنهم يحبونه، أو ممَّن كان يثق بهم، سيكون حجم المعاناة كبيراً وفترة النسيان أكبر، أو ربما لن ينسى أبداً لأن المواقف والخيبات متكررة في حياتنا سيتذكر خيبته بمجرد حدوث موقف أمامه أو خيبة مماثلة لخيبته الأولى.
ميزة الحب أنه يكون من القلب للقلب على طول ومن غير استئذان أو حواجز، لذلك فإن الحب الصافي لا يصدر إلا من قلب محب مُتيم لا متصنع، ومن مشاعر حقيقية لا مزيفة، ثم إن الحب الزائف لن يدوم طويلاً، ولن تنتظر أن تفضحه المصالح والشدائد كما تقول الحكمة بل ستفضحه الأحاسيس والمشاعر، لن تكون مرتاحاً لوجودك مع متصنع الحب، ولا لكلامه عن الحب ولا لتغزله بك.. ستكون مضطراً لمجاراته فحسب، في انتظار الفرصة المناسبة التي تنفد بها بقلبك إلى بر الأمان، إلى حب حقيقي، لطالما حلمت به وتصورته في أحلامك وفي يقظتك، حب لن يجبرك على المداهنة والنفاق ولن يجبرك على التنازلات والتضحيات، ستكون أنت كما أنت وهو كما هو، حينها ستُحلق عالياً في سماء الحب حيث لا مكان لمتصنعي الود، وستسري نغمة الألفة والطمأنينة في النفس، ولن تكون مضطراً للتفكير في ما يحمله المستقبل لك لأنكما ستمضيان إليه معاً.
* رسالة:
"في الغربة هتعرف غلاوة الوطن وحب أهل بلدك، مهما كانت الصعوبات والتحديات وطنك هو نمبر وان"..
* صحفي وكاتب مصري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.