عبدالقادر رالة *
ألفناَ نحن المعلمين المتقاعدين التحلق حول الطاولة في مقهى الأحباب، أو حول كشك بائع الجرائد نثرثر؛ ونخلط الكلام والنقاش حول التغيرات التي مستْ مدينتنا الصغيرة، فالماضي هو البركة والخير والنية والحاضر هو السوء والخداع والشرور.
وفي إحدى الأمسيات وقف بجانبنا شيخ، ما لبث أن تدخل في نقاشنا وكم كان كلامه مقنعاً.
كان موضوع النقاش أننا في الماضي لم نكن نعرفُ لا الأمراض، ولا الأوجاع، ولم نكن نعرف إلا الطب الشعبي، وفي الغالب تمارسه أمهاتنا أو جداتنا، إذ كانت أغلبهن طبيبات يحسنَ استعمال الزعتر، الدرياس، الحبق، الميروية، الشيح، الحناء وحتى روث البقر.. ونادراً ما كان يزور أحدنا الطبيب الوحيد في المستوصف، أما المستشفى في مدينة فرندة أو تيارت فلم نكن نعرفه في ذلك الزمن الجميل.
أما اليوم فمركز صحي كبير، واسع ورحب مليء بالأطباء والممرضين والممرضات وأعوان الأمن.. وسيارتا إسعاف تكادان تزوران مستشفى فرندة كل يومين أو ثلاث أيام.. أما الأطباء الخواص فعددهم عشرة وستة صيدليات، لكن المرض مستمر، والأوجاع كثرت وتنوعتْ، والدواء لا ينفع، وكأن علم الطب بلا فائدة.
أما أمهاتنا وجداتنا فأغلبهن توفين وذهبت معهن أسرار ثمينة من الطب الشعبي..
ماذا قال الشيخ وبماذا تحدث؟
ـ أنتم المعلمون السبب..
ـ نحن؟....
ـ ألم تكونوا تبتسمون وتسعدون لما تكون إجابة التلميذ عن أمنيته في المستقبل بأن يكون طبيباً أو تقول التلميذة بكل براءة أن حلمها أن تكون طبيبة تداوي الفقراء من دون نقود.
فهل يعقل أن يكون كل ذلك العدد من الأطباء من دون مرضى؟
صمتنا.. ولم نجد ما نعلق به..
* كاتب وقاص من الجزائر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.