ليزا أندرسون |
يصادف العشرين من يونيو حزيران كل عام اليوم العالمي للاجئين برعاية المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة. في هذا اليوم يتم تسليط الاهتمام على مشاكل اللاجئين في العالم والبحث عن الطرق والوسائل لمساعدتهم وتحسين ظروف حياتهم.
هذا اليوم تم إقراره من الجمعية العامة للأمم المتحدة حيث عدد اللاجئين في العالم يجاوز مئة مليون، نصفهم نازحين في دولهم، وربعهم خرجوا منها لدول أخرى، والبقية توزعوا حول العالم.
حسب المفوضية العليا اللاجئين فقط خمسة في المئة من اللاجئين في العالم يتلقون تعليماً جامعياًـ وهي نسبة ضئيلة جداً، ولا تساعد على تحسين أوضاع اللاجئين في العالم. وتعود الأسباب لصعوبة وصول اللاجئ واللاجئة للجامعات أو عدم قبولهم لعدم توفر الأوراق الثبوتية أو الشهادات وبالتالي فإن السبب بيروقراطي بالأساس. يرى الباحثون أن التعليم الجامعي للاجئين سيوفر لهم مستقبلاً أفضل ويرفع من مستوى معيشتهم، والأرقام تشير إلى أن اللاجئ في المعدل يمكث أكثر من عشرين سنة في مكان اللجوء قبل العودة إلى وطنه وهو زمن طويل حسب الإحصاءات.
الحل بالتعليم الإلكتروني
بناء المدارس يعد مشروعاً صعباً ومكلفاً، فنصف اللاجئين في العالم يتلقون تعليماً مدرسياً، أما بناء جامعات للاجئين فهو أصلاً بعيد المنال. لكن هناك فارق مهم حدث في السنوات الماضية وهو إدخال خدمة الإنترنت في مخيمات اللجوء أو مقرات النازحين بتكلفة زهيدة، وغالباً مدعومة، لهذا لربما الحل بالتعليم الجامعي الإلكتروني بمعنى أن يدرس اللاجئ على حاسوب في مخيم اللاجئين عبر الإنترنت ليحصل على شهادة جامعية معترف بها أكاديمياً، حينها سيكون لديه القدرة على التقدم لوظيفة محترمة والحصول على أجر مادي يساعده على شق طريق المستقبل.فمثلاً الطالبة الأوكرانية ياروسلافا سيمونينكو اللاجئة بسبب الحرب في بلدها انقطعت عن جامعتها، ولكنها سجلت في جامعة university of the people الأمريكية والتي تعّلم بالكامل عبر الإنترنت.. تقول ياروسلافا "إن تجربة الحرب تغير الحياة في حد ذاتها، ولكن أيضاً بعد الهروب من الأراضي التي يحتلها الروس، لم يعد لدينا منزل بعد الآن. علينا أن نبدأ حياتنا من جديد، ولا نعرف متى سنحصل على فرصة للعودة إلى المنزل، إذا حصلنا على هذه الفرصة على الإطلاق". تدرس الآن ياروسلافا في الجامعة، وعملياً تحمل الجامعة معها على حاسوبها المتنقل بين مدينة ومدينة.
السوريون يمثلون العدد الأكبر
لكن العدد الأكبر من اللاجئين الذين يدرسون في تلك الجامعة هم من السوريين، وهم قرابة ستة آلاف ضمن منح جامعية كاملة، ومنهم محمد العبيد، وهو لاجئ سوري يبلغ من العمر 24 عاماً، يسكن في مخيم الأزرق في الأردن، وقد أكمل شهادته الثانوية في سوريا، ولكن بسبب الحرب انتقل لمخيم الأزرق وانقطع عن التعليم. الآن يدرس ومعه المئات من المخيم عبر الإنترنت في الجامعة نفسها، يقول "مررنا بأوقات عصيبة، ولم تتح لي الفرصة لمتابعة تعليمي. بمجرد أن تلقيت المنحة الدراسية من university of the people، شعرت وكأنني شخص يغرق وتم إنقاذه، لقد كان حلماً يتحقق. أنهيت الآن سنتي الأولى بنجاح بدرجات عالية جداً. لقد تعاملت مع النظام التعليمي بسهولة شديدة، العديد منا كنا نشعر باليأس من إكمال تعليمنا العالي، لكن الآن الجامعة أحيت آمالنا وأعطتنا الدافع لمتابعة أحلامنا".محمد العبيد |
مثال آخر لطالبة سورية هي جينا مقدسي التي كانت تدرس الهندسة الزراعية في مدينتها حمص، اضطرت لمغادرة المدينة إثر اندلاع الحرب في سوريا، وتوقفت عن الدراسة خمس سنوات، لكنها أصرت على استكمال دراستها، وبالفعل استطاعت عبر الجامعة العودة للحياة الأكاديمية، تقول "كنت أبحث عن منحة دراسية لمتابعة أحلامي الأكاديمية، ثم تعرفت على هذه الجامعة الإلكترونية. استغرق الأمر مني نقرة واحدة فقط للتقديم، وكنت سعيدة للغاية بالحصول على منحة دراسية ممولة بالكامل ودراسة بكالوريوس في علوم الكمبيوتر. منحتني الدراسة عبر الإنترنت فرصة العمر للحصول على درجة علمية معتمدة من الولايات المتحدة من مكاني. لا قيود على السفر أو صعوبات مالية أو أوقات ضائعة من عدم اليقين والإخطار للوصول إلى مقاعد الدراسة".
الأقلية المسلمة من الروهينجا والأفغانيات
اللاجئون والنازحون يمرون بظروف حياتية صعبة مما يضطر قلة منهم إلى الانحراف بسبب المستقبل المجهول والبطالة والفقر المدقع وعدم توفير الأمل الأمر الذي سيدفع بعضهم للمجهول.تقول ليزا اندرسون الرئيسة السابقة للجامعة الامريكية في القاهرة وعضوة مجلس الأمناء في جامعةuniversity of the people "لا يكفي الحديث بشفقة عن اللاجئين وأوضاعهم الصعبة بل يجب العمل بجدية لحل مشاكلهم وأبسطها هو توفير الطعام والتعليم والصحة لهم قبل كل شيء. فالجامعة تعلم أكبر عدد لاجئين في العالم، ونسعى لمضاعفة العدد الموجود وهو عشرة آلاف طالب يدرسون معنا الآن خلال السنوات القليلة المقبلة، مما يحتاج تكاتف الجهود وتوفير الدعم المالي والطاقم التعليمي لسد الاحتياج الكبير".
لعل قصص اللاجئين الفلسطينيين والسوريين والآن الاوكرانيين دائماً ما تحتل أهمية بسبب ظروفها الصعبة، لكن هناك أيضاً الأقلية المسلمة من الروهينجا التي عانت في ميانمار. في مراكز اللاجئين يتعلم المئات منهم، والذين سيحصلون على شهادات جامعية معترف بها أمريكياً بتخصصات عدة.
أما أفغانستان التي لربما غابت تماماً عن شاشات القنوات الإخبارية، فهناك للآن النسوة ممنوعات من العودة لمقاعد الدراسة الجامعية بعد سيطرة طالبان التي وعدت بتخفيف الإجراءات لكن مازالت القرارات كما هي. هاديا تدرس عبر الإنترنت وبالسر في منزلها، وبعد ثلاثة أعوام ستكون حاصلة على شهادة جامعية فتقول "أنا في أسوأ وضع. ليس لدي حرية ولا أستطيع العيش من دون تعلم فأنا أحب الدراسة. هذه هي فرصتي الأخيرة لمتابعة التعليم".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.