د. يوسف فؤاد بساده |
د. يوسف فؤاد بساده *
تحتاج دول الخليج خاصة والعالم العربي عامة لقفزة تعليمية في مجال التعليم الإلكتروني خاصة مع ما يمر به من تحديات. هناك حاجة متزايدة للخرجين والسبب في ذلك أن التعليم هو القادر على إحزار التنمية والصناعة بدورها تحتاج إلى العديد من الخريجين الجدد.
فبعد جائحة الكورونا وما يصيب العالم من نزاعات خاصة في شرق أوروبا.. كل ذلك سيقلل من الاعتماد الكلي على دول الشرق الأقصى، وسيزيد الاستثمار الصناعي والتصنيع الأجنبي في العالم العربي، ونرى ذلك على شكل استثمارات أجنبية ودولية في عدة مجالات في دول مجلس التعاون، وليس منوطة بصناعة النفط حصراً. سنحرز ذلك خلال الأعوام القليلة المقبلة، مع وجود مخزون الطاقة من الغاز والبترول وتوفير اليد العاملة.. ولهذا يبقى النقص من أولئك التقنيين والمهندسين والإداريين الذين تحتاجهم الشركات الكبرى لإدارة وتنظيم العمل.
ولا يمكن الحصول على جودة الإنتاج من دون قوة عمل مؤهلة، أي من ذوي التعليم الجامعي الأفضل والتخصصات المتقدمة.
التعليم العالي في الخارج مكلف جداً ليس فقط على الطالب نفسه بل على الدولة، لأن ذلك الطالب سيسافر للخارج وسيدفع بالعملة الأجنبية. وكما نرى الآن فإن الدراسة في الخارج سوف تصبح أكثر تكلفة بسبب الجائحة والمشاكل في شرق أوروبا وأسعار الطاقة التي ترتفع يومياً. وينطبق ذلك أيضاً على الطلاب الراغبين في الدراسة في إحدى الجامعات الأجنبية الموجودة الدول العربية. حيث يتعين دفع رسوم التعليم بالنقد الأجنبي والأسعار باهظة وفوق إمكانيات المواطن والمقيم. لكننا في نفس الوقت بحاجة لشهادات جامعية أجنبية لرفع مستوى الطلبة الذين يبحثون على وظائف مرموقة وجيدة، وبالعادة الشهادة من الدول الأجنبية تكون مغرية لأرباب العمل وأصحاب الشركات.
بلا شك إن الجامعات الخليجية متميزة وبها ثلة من الأكاديميين المرموقين وسمعتها بدأت بالفعل ترقى، ولكن الإشكالية تكمن في عدد المقاعد الجامعية المحدود. فالسوق يريد خرجين أكثر مما تستطيع كل جامعات مجلس التعاون تقديمه، خاصة أن هناك توجهاً للاعتماد على المواطنين والمقيمين بشكل أكبر بدل جلب المزيد من العمالة الأجنبية التي لديها مؤهلات علمية جامعية.
هذه الجامعة تمنح شهادات إدارة الاعمال باللغة العربية وهي الجامعة الأمريكية الوحيدة التي تمنح شهادة معترف بها امريكياً وتعلم باللغة العربية، وإلى جانب ذلك هناك عدة تخصصات باللغة الإنجليزية كالحاسوب والعلوم الطبية والتربية إضافة للدراسات العليا في إدارة الأعمال والحاسوب والتربية. أما بخصوص الطلبة الخليجيين أو العرب الذين لا يتقنون الإنجليزية، فيمكنهم الالتحاق بدورات تعلم اللغة الإنجليزية ومن ثم دراسة البكالوريوس باللغة الإنجليزية أو دراسة إدارة الأعمال بالعربية.
معظم المدرسين فيها من الكفاءات العلمية الذين يريدون تقديم شيء مجاني في مجال التعليم بعدما أنجزوا العديد من الإنجازات في كبرى الجامعات العالمية، ولهذا يتبرعون بوقتهم وجهدهم لتقديم أفضل تعليم، لكن بطريقة تقدمية وهي عبر الإنترنت. هكذا يتم توفير فرصة للشباب وكبار السن للحصول على شهادة جامعية أو ماجستير معتمدة إذا لم يكن لديهم الوقت والقدرة المالية للذهاب إلى الجامعة.
إضافة لذلك يوجد العديد من المنح الدراسية للطلاب الذين يعانون من ظروف حياتية صعبة كما في سوريا وأفغانستان ومؤخراً أوكرانيا الذي باتوا بلا جامعات. وهذه المنح توفر رافعة لعائلات ومجتمعات في ظروف قاسية كالحروب والكوارث، إضافة لبعض الطالب الذين عندهم عجز مالي حاد.
من الصعوبات التي تواجه الطلبة الانتقال من مدينة لأخرى أو حتى لبلد عربي آخر لتلقي تعليم جامعي متميز، لذلك فإن السفر مكلف ومجهد. هنا يطرح التعليم عن بعد الحل وينهي تماماً هذه المعضلة، فالطالب لا حاجة أن يسافر أو ينتقل يومياً للتعلم بل ببساطة يدرس من منزله سواء في المدن أو الريف طالما كان هناك خدمة إنترنت ولو محدودة.
يستطيع الموظف أن يدرس ويعمل في الوقت نفسه أو بالأحرى سينسق دراسته ضمن الوقت الذي يراه مناسباً، فمثلاً يمكنه أن يدرس في ساعات العصر والليل بعد الانتهاء من وظيفته أو في أيام العطل الأسبوعية، وخلال أربع سنوات يحصل على شهادة جامعية أو خلال عام ونصف العام على شهادة ماجستير من دون أن يترك عمله. طريقة التدريس عبر الإنترنت هي فريدة، فالطلبة يدرسون بمفردهم في الوقت المناسب لهم، إلا أنهم ينتمون إلى مجموعة من عشرين طالباً على تواصل مستمر مع بعضهم البعض تحت إشراف مدرس وكل ذلك أونلاين. ويتلقى الطلبة كل أسبوع قائمة بالمهام والقراءة الواجب إنجازها. وبمجرد الانتهاء من إحدى المهام، يتم نشرها على الإنترنت، وتصبح في متناول الطلبة التسعة عشر الآخرين المنتمين إلى نفس المجموعة. وخلال هذه المبادلات، يعزز الطلبة معرفتهم من خلال استعراض وتصحيح وتقديم المشورة لزملائهم الطلبة. وهذه الطريقة المبتكرة تحاكي لغة العصر التي تعتمد على الإنترنت في كل شيء من التجارة والترفيه فلماذا التعليم يبقى تقليدياً.
تنمية التعليم والبحث عن أساليب تعليمية جديدة لا يقل أهمية عن الاهتمام بتنمية الموارد الاقتصادية، وكي نقفز في مجال الصناعة والزراعة، فلا غنى عن تحسين الأداء التعليمي. العدد المطلوب للخرجين يزداد عالمياً وموقع دول الخليج من مصادر الطاقة وكونها على مقربة من البحر المتوسط قبالة أوروبا والسوق الآسيوي على البحر الهندي، فكل ذلك يدفع باتجاه التفكير بشكل أعمق في كيفية تلبية طلب السوق المحلي والعربي خاصة الخليجي من الخرجين، ولهذا يمكن للتعليم الإلكتروني أن يشكل رافعة حقيقة.
* خبير التعليم الجامعي الدولي والأستاذ الزائر المتميز في تخصص ريادة الأعمال في الجامعة الامريكية في القاهرة وفي المعهد الأوروبي لإدارة الاعمال في فرنسا.
التعليم العالي في الخارج مكلف جداً ليس فقط على الطالب نفسه بل على الدولة، لأن ذلك الطالب سيسافر للخارج وسيدفع بالعملة الأجنبية. وكما نرى الآن فإن الدراسة في الخارج سوف تصبح أكثر تكلفة بسبب الجائحة والمشاكل في شرق أوروبا وأسعار الطاقة التي ترتفع يومياً. وينطبق ذلك أيضاً على الطلاب الراغبين في الدراسة في إحدى الجامعات الأجنبية الموجودة الدول العربية. حيث يتعين دفع رسوم التعليم بالنقد الأجنبي والأسعار باهظة وفوق إمكانيات المواطن والمقيم. لكننا في نفس الوقت بحاجة لشهادات جامعية أجنبية لرفع مستوى الطلبة الذين يبحثون على وظائف مرموقة وجيدة، وبالعادة الشهادة من الدول الأجنبية تكون مغرية لأرباب العمل وأصحاب الشركات.
بلا شك إن الجامعات الخليجية متميزة وبها ثلة من الأكاديميين المرموقين وسمعتها بدأت بالفعل ترقى، ولكن الإشكالية تكمن في عدد المقاعد الجامعية المحدود. فالسوق يريد خرجين أكثر مما تستطيع كل جامعات مجلس التعاون تقديمه، خاصة أن هناك توجهاً للاعتماد على المواطنين والمقيمين بشكل أكبر بدل جلب المزيد من العمالة الأجنبية التي لديها مؤهلات علمية جامعية.
الحل بالتعليم الالكتروني
كل هذه التحديات التي تواجه قطاع التعليم والطلب على زيادة عدد الخرجين يدفعنا للبحث عن حلول عملية، فنحن نريد خرجين أكثر بشهادة أجنبية وبتكلفة أقل. لهذا الحل هو بالتعليم الجامعي الإلكتروني أو كما يسمى التعليم عبر الإنترنت. مثال على ذلك جامعة University of the people وهي جامعة غير ربحية أمريكية، ويصل عدد طلابها لأكثر من مئة وسبعة عشر ألف طالب حول العالم. الفكرة بسيطة هي أن الجامعة بالكامل تدّرس عبر الإنترنت وحاصلة على اعتراف من هيئة التدريس الجامعي الأمريكي، بمعنى أنها معترف بها في الولايات المتحدة.هذه الجامعة تمنح شهادات إدارة الاعمال باللغة العربية وهي الجامعة الأمريكية الوحيدة التي تمنح شهادة معترف بها امريكياً وتعلم باللغة العربية، وإلى جانب ذلك هناك عدة تخصصات باللغة الإنجليزية كالحاسوب والعلوم الطبية والتربية إضافة للدراسات العليا في إدارة الأعمال والحاسوب والتربية. أما بخصوص الطلبة الخليجيين أو العرب الذين لا يتقنون الإنجليزية، فيمكنهم الالتحاق بدورات تعلم اللغة الإنجليزية ومن ثم دراسة البكالوريوس باللغة الإنجليزية أو دراسة إدارة الأعمال بالعربية.
معظم المدرسين فيها من الكفاءات العلمية الذين يريدون تقديم شيء مجاني في مجال التعليم بعدما أنجزوا العديد من الإنجازات في كبرى الجامعات العالمية، ولهذا يتبرعون بوقتهم وجهدهم لتقديم أفضل تعليم، لكن بطريقة تقدمية وهي عبر الإنترنت. هكذا يتم توفير فرصة للشباب وكبار السن للحصول على شهادة جامعية أو ماجستير معتمدة إذا لم يكن لديهم الوقت والقدرة المالية للذهاب إلى الجامعة.
إضافة لذلك يوجد العديد من المنح الدراسية للطلاب الذين يعانون من ظروف حياتية صعبة كما في سوريا وأفغانستان ومؤخراً أوكرانيا الذي باتوا بلا جامعات. وهذه المنح توفر رافعة لعائلات ومجتمعات في ظروف قاسية كالحروب والكوارث، إضافة لبعض الطالب الذين عندهم عجز مالي حاد.
من الصعوبات التي تواجه الطلبة الانتقال من مدينة لأخرى أو حتى لبلد عربي آخر لتلقي تعليم جامعي متميز، لذلك فإن السفر مكلف ومجهد. هنا يطرح التعليم عن بعد الحل وينهي تماماً هذه المعضلة، فالطالب لا حاجة أن يسافر أو ينتقل يومياً للتعلم بل ببساطة يدرس من منزله سواء في المدن أو الريف طالما كان هناك خدمة إنترنت ولو محدودة.
الشركات هي التي تدرس الموظفين
التعليم عبر الإنترنت يوفر فرصة ذهبية لمديري الشركات لرعاية الموظفين الواعدين للحصول على درجة علمية قيمة أثناء قيامهم بالعمل بدوام جزئي في شركاتهم بذات الوقت. والطريقة هي أن الشركة تمنح الموظف «عقد تدريب مهني» وهو نظام يستخدم على نطاق واسع في ألمانيا وسويسرا والبلدان الاسكندنافية واعتمدته فرنسا أخيراً. وبالنسبة للموظف، فإنه يحقق هدفاً مزدوجاً يتمثل في التدريب أو التعليم مدفوع الأجر من قبل الشركة وفي الوقت نفسه يعمل في نفس مجال دراسته. تسمح هذه العملية للشركة أو صاحب العمل باختيار وتدريب الموظفين الشباب الواعدين للبقاء في الشركة وهو نوع من الاستثمار بالبشر أنفسهم عن طريقة تنمية قدراتهم وتقوية مهاراتهم والحصول على تعليم أكاديمي. هذه الطريقة المبدعة تعمل على تنمية الموظفين خاصة من هم في الثلاثين في العمر. الشركات في المقابل تضمن حقها ببقاء الموظف يعمل فيها لسنوات معينة، وهنا الموظف نفسه سيضمن وظيفة ثابتة، وبهذه الطريقة يضمن الطرفين الاستمرارية والاستقرار في طريق تنمية المهارات ورفع القدرات.يستطيع الموظف أن يدرس ويعمل في الوقت نفسه أو بالأحرى سينسق دراسته ضمن الوقت الذي يراه مناسباً، فمثلاً يمكنه أن يدرس في ساعات العصر والليل بعد الانتهاء من وظيفته أو في أيام العطل الأسبوعية، وخلال أربع سنوات يحصل على شهادة جامعية أو خلال عام ونصف العام على شهادة ماجستير من دون أن يترك عمله. طريقة التدريس عبر الإنترنت هي فريدة، فالطلبة يدرسون بمفردهم في الوقت المناسب لهم، إلا أنهم ينتمون إلى مجموعة من عشرين طالباً على تواصل مستمر مع بعضهم البعض تحت إشراف مدرس وكل ذلك أونلاين. ويتلقى الطلبة كل أسبوع قائمة بالمهام والقراءة الواجب إنجازها. وبمجرد الانتهاء من إحدى المهام، يتم نشرها على الإنترنت، وتصبح في متناول الطلبة التسعة عشر الآخرين المنتمين إلى نفس المجموعة. وخلال هذه المبادلات، يعزز الطلبة معرفتهم من خلال استعراض وتصحيح وتقديم المشورة لزملائهم الطلبة. وهذه الطريقة المبتكرة تحاكي لغة العصر التي تعتمد على الإنترنت في كل شيء من التجارة والترفيه فلماذا التعليم يبقى تقليدياً.
تنمية التعليم والبحث عن أساليب تعليمية جديدة لا يقل أهمية عن الاهتمام بتنمية الموارد الاقتصادية، وكي نقفز في مجال الصناعة والزراعة، فلا غنى عن تحسين الأداء التعليمي. العدد المطلوب للخرجين يزداد عالمياً وموقع دول الخليج من مصادر الطاقة وكونها على مقربة من البحر المتوسط قبالة أوروبا والسوق الآسيوي على البحر الهندي، فكل ذلك يدفع باتجاه التفكير بشكل أعمق في كيفية تلبية طلب السوق المحلي والعربي خاصة الخليجي من الخرجين، ولهذا يمكن للتعليم الإلكتروني أن يشكل رافعة حقيقة.
* خبير التعليم الجامعي الدولي والأستاذ الزائر المتميز في تخصص ريادة الأعمال في الجامعة الامريكية في القاهرة وفي المعهد الأوروبي لإدارة الاعمال في فرنسا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.