عصام الطوخي: الخروج من عباءة إنجازات الغير

عصام الطوخي، ومضات: الخروج من عباءة إنجازات الغير

عصام كرم الطوخي

يعاني البعض من كون والده رجلاً مشهوراً أو من سبقه من أجداده صاحب إنجازات عديدة، مما قد لا يترك له مساحة للتميز الخاص به والإعلان عن نفسه، مما قد يجعله أسيراً لظله بعد رحيله، ويخمد بداخلنا أي نجاح، وقد يرغم أن يسلك نفس طريقه، مما قد يخمد بداخله روح التغيير والإبداع، فيتطلب منه أن يبذل جهداً مضاعفاً كي يخرج من عباءة إنجازات أبيه، ويتطلب منه أن ينجز أعمالاً تفوق ماضي أجداده العريق بتغيير وجهته إلى مسار جديد كي يكون في دائرة الضوء.

وكم من إنجازات أقرب المقربين لنا تكون عبئاً ثقيلاً كوننا نبقى حائرين بين المحافظة على ماض عريق وإرث عظيم يملأ الآفاق، وبين طموحاتنا وأحلامنا الخاصة بنا، فالخوف من فقدانه والنداء الخفي بالمحافظة على ذلك الإرث وأن يمتد إلى الحاضر ليس بالأمر الهين.

شئت أم أبيت بمرور الوقت وتقدم العمر ستجد بداخلك صدى ما فات يغازلك، بل تجد نفسك تردد بل وتفعل بطريقة لا شعورية ما كنت تتمرد عليه في ما سبق، فمن الأفضل عدم إنكار أو رفض ما تحقق لأقرب الناس لنا ومحاولة بمزيد من الجهد غير العادي واستراتيجيات غير مسبوقة البحث عن تميزك بما يضمن لك البقاء بشخصية جديدة ومتطورة.

وقد نجد ذلك بصورة مماثلة فى مجال عملك عندما تحل مكان رجل مبدع وصاحب بصمة واضحة وإنجازات عريقة، فكلما تفوقت وأبدعت قد ينظرون إليك أنك لم تأت بجديد كونك مقلداً له، حتى ولو حققت ضعف إنجازاته، لذلك قد يكون من الصعب إيجاد طرق مبتكرة للتفرد والاختلاف والتميز بطرق غير مألوفة وغير مسبوقة حتى يكون ذلك مبهراً، بالفعل قد يكون صعباً، ولكن ليس هناك اختيار آخر.

فمن الحمق أن نتجاهل ما تحقق لأجدادنا بداعي التميز، كن مقدراً لما تحقق من إنجازات عظيمة لهم، وفي الوقت نفسه لا تجعل نفسك مشدوداً دائماً إلى الماضي بصورة قد تطمس ما قد يتحقق على يدك، بل وقد توقفك عن إبداعك وتطورك، بل قد تجد عندهم ما يوفر عليك الكثير من المعاناة، وقد تجد الكثير من الحلول، ولكن لن يكون ذلك إلا بمهارات خاصة.

وكن حذراً من الذين يتربصون بك كونهم يريدون تشويه أي انجاز لك بأن يردوك دائماً إلى الماضي، فاعتزّ بما تحقق بل وأكمله بطريقتك الخاصة، وأظهر ما بداخلك من مكنون قوتك وطاقاتك الإبداعية، ولا تتوقف كثيراً أمام أعداء التميز والرقي، فالخروج من عباءة الآخر ليس بالشيء الهين حتى لا تكون في ظله، فمن الحكمة أن تبقي عينيك على ما تحقق، وأن تتطلع للغد بصورة مغايرة بمعنى ورؤية تحقق لك التميز الخاص بك.