شباب وشابات في جلسة |
أكدت دراسة طبية نشرت أخيراً أن الناس يختلفون في مدى سرعة تقدمهم في العمر، ويبدأ هذا الاختلاف في سن الرشد. وتوصل باحثون، بحسب ما نشرت وكالة أنباء "يو بي أي" الأمريكية إلى أنه مع بلوغ الإنسان عمر الـ 45 عاماً، كان الأشخاص الذين تسارعت لديهم وتيرة "الشيخوخة البيولوجية" لاحقاً أكثر عرضة للظهور بشكل أكبر سناً مما كانوا عليه في الواقع.
وقال باحثون أمريكيون إن النتائج تشير إلى أن هناك حاجة إلى اتخاذ وجهة نظر مختلفة عن الشيخوخة. وأشار الباحث الرئيس ماكسويل إليوت، وهو طالب دكتوراه في جامعة ديوك في ولاية نورث كارولينا، إلى أن "الشيخوخة عملية تستمر مدى الحياة". وأضاف أنها "لا تبدأ فجأة في سن الستين، فالكثير منا سبق له أن صادف رجلاً نشيطًا يبلغ من العمر 80 عاماً - أو شخصاً آخر يبلغ من العمر 50 عاماً مثقلاً بمشاكل صحية وإعاقات - فالعمر الزمني لا يقدم بوضوح مدى نشاط الشخص.
وأوضح إليوت "يمكن تفسير ذلك التطور بصورة أدق من خلال مفهوم الشيخوخة البيولوجية - أو السرعة التي تتدهور بها أجهزة الجسم بمرور الوقت."
انقسام مبكر
إلى ذلك، قال إليوت إنه ليس من الواضح بالضبط متى يبدأ الناس في الاختلاف في معدل الشيخوخة البيولوجية. لكن النتائج الجديدة تشير إلى أن الانقسام يحدث في وقت مبكر إلى حد ما في الحياة.واستخدم إليوت وزملاؤه بيانات عن أكثر من 1000 مشارك نيوزيلندي تمت متابعتهم منذ الولادة، في السبعينيات من القرن الماضي، حتى سن 45 عاماً. وتم تتبع وتيرة الشيخوخة البيولوجية لديهم بدءاً من سن 26 عاماً، بناءً على مقاييس مثل دهون الجسم ولياقة القلب وسعة الرئة وعلامات الالتهاب في الدم وحتى تجاويف الأسنان.
وفي المعدل العام، سجل المسنون السريعون درجات أقل في اختبارات أداء الذاكرة، وأبلغوا عموماً عن المزيد من النسيان في الحياة اليومية. في نفس الأثناء، أظهرت فحوصات التصوير بالرنين المغناطيسي أن لديهم علامات أكثر على ترقق أنسجة المخ.
اختلافات الشيخوخة المبكرة
وأضاف إليوت أنه فوجئ بمدى اختلافات الشيخوخة في سن مبكرة نسبياً وهو 45 عاماً. وقال إنها كانت مهمة بما يكفي حتى يتمكن الناس من ملاحظتها في الحياة اليومية. وبيّن أن الشخص السريع في التقدم بالعمر عادة يشعر بأنه أكبر سناً مما هو عليه، ويتشكك في أنه سيعيش ليرى سن الـ 75. كما أنه بناء على تقييم محكمين مستقلين لصور فوتوغرافية لوجوه المشاركين في الدراسة فإنهم يبدون أكبر سناً من أعمارهم الحقيقية.سلسلة متصلة
من جهتها أكدت الدكتورة صوفيا ميلمان، مديرة دراسات طول العمر البشري في معهد ألبرت أينشتاين للطب لأبحاث الشيخوخة في مدينة نيويورك، ما ذكره إليوت، قائلة إن الشيخوخة لا "تبدأ بطريقة سحرية في سن الستين".وقالت ميلمان، التي راجعت نتائج الدراسة، إن "الشيخوخة هي سلسلة متصلة. وربما تبدأ في وقت أبكر مما أدركه الباحثون".
وأشارت في ما يخص معدل الشيخوخة البيولوجية للشخص، إلى أن الجينات تلعب دوراً، مشيرة إلى أن هناك بعض "جينات طول العمر" التي يمكن أن تساعد في حماية الإنسان من الضغوطات البيئية، إلى حد ما.
عوامل مساعدة
واتفق كل من ميلمان وإليوت في الرأي على أن الشيخوخة ليست حتمية، حيث إن البيئة مهمة، وتتأثر سرعة الإصابة بالشيخوخة بالعديد من العوامل التي ترتبط بخيارات نمط الحياة مثل التعرض للإجهاد المزمن والفقر. كما أنه من الواضح أن ممارسة الرياضة بانتظام واتباع نظام غذائي صحي وعدم التدخين هي أيضاً عوامل يمكن أن تقلل من مخاطر الإصابة بأمراض مختلفة.وأشارت ميلمان إلى أنه يمكن لتقليل سرعة الانتقال إلى مرحلة الشيخوخة أن يتم الالتزام بتلك العناصر الثلاثة، موضحة أن الباحثين يريدون أيضاً في المستقبل ترجمة ما يتم اكتشافه من معلومات عن عملية الشيخوخة إلى أدوية يمكن إعطاؤها للأشخاص المناسبين في الوقت المناسب. كما لفتت إلى أنه بالنسبة لبعض الأشخاص ربما لا يكفي أسلوب الحياة الصحي وحده لكي يحتفظوا بحيويتهم وشبابهم لأطول مدة ممكنة.
عدم الاستسلام
وشدد الباحثان على أن الأشخاص الذين يشعرون بأنهم "كبار في السن" في الأربعينيات من العمر لا يجب أن يستسلموا لليأس، حيث إنه لم يفت الأوان بعد لإجراء فحص طبي أو كبح ضغط الدم أو البدء في ممارسة الرياضة وتناول الطعام بشكل أفضل.وقال إليوت: "إن منتصف العمر هو وقت رائع للتعامل مع هذه الأمور". وأردف قائلًا "لا يمكننا تغيير الماضي، لكن لا يزال هناك الكثير من الوقت للتدخل". وأضاف أن النقطة الأوسع هي أننا "نحتاج إلى التوقف عن وضع الكثير من التركيز على العمر الزمني"، مؤكدًا أن التدخل في وقت مبكر لمعالجة الشيخوخة البيولوجية السريعة يمكن أن ينقذ الأرواح ويحسن نوعية الحياة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.