محمد عوض الجشي |
محمد عوض الجشي
(كل فرد من أفراد فريقنا مهم).. عبارة إدارية محضة، تنهج التزامها وطيفها في بعض الإدارات الحديثة، وربما عكفت على ثيماتها إدارات سابقة.
ولتلخيص فحوى الطرح وما بعد الطرح، ينبغي أن نتلمس الواقع العملي في منتهى الأمانة، إذ إن انعكاس مقولات ترفع مجرد شعارات لا ينبغى لها استمرارية الإيحاء والفعل في آنية وذاتية المنشأة والمؤسسة، وفي العادة الشركة تتشكل من أفراد ومعدات وأماكن ودور ومحميات ومجمعات (سكنية، مكتبية، مصانع، معامل.. إلخ) في تكوين مجتمع عملي قائم بذاته، يتولى مهام إدارة كافة المشاريع، وإنجازها طبقا للجودة وإثبات جدوى المحتوى، سواء أكان تجارة أو مصنع توريد منتجات نفطية، أو سلعاً غذائية على اختلافها وتنوعها، والتي تنضوي تحت آلية العمل الجماعي المنتظم.
فراش المكتب
فراش المكتب سواء أكان من قبل شركة مقاولات أو عقود الباطن، له ميزة الموظف في حقوق وواجبات تحفظ حقه الوظيفي والعملي، إذا ما أتمه في تفان وإتقان، طبقاً للمقولة السابقة (كل فرد من فريقنا مهم).. هب أن هذا الفراش يجهز طلبات الضيافة الصباحية أو المسائية في المنشأة إلى أحد المديرين، أو غيره من الموظفين العاديين، فوجئ بضرورة الإسراع في تجهيز أكواب الضيافة إلى الإدارة العليا، الممثلة بالمديرين والمسؤولين الكبار.. في تلك الحالة تحدث المفاضلة والتمييز الواقعي العملي، وتسقط المقولة (كل فرد من فريقنا مهم) حتماً، وكما يتضح من الحيثيات العملية الواقعية، أن يهرع فراش المكتب إلى تقديم الضيافة إلى المديرين المعنيين الكبار أولاً، ومن ثم إلى الموظفين العاديين.
ثقافة الإدارة الضحلة
في علوم الإدارة وفي مجريات الأحداث اليومية، لا لوم على التصرف السلبي من قبل الفراش.. بل على الثقافة الضحلة التي لم تنسج خيوطها إلى تلك الفئة المهمشة من الدرجات الدنيا من قبل مؤسساتهم في ترسيخ وإعطاء الأولوية للجميع سواسية في العطاء والعمل، سواء من القدم إلى الهرم، إذ إن ثقافة الإدارة الفذة التي تفضى إلى خلق مساحات شاسعة في العمل في الأداء الجيد، مهما كان العمل بسيطاً. فراش المكتب لا يعدو كونه معداً للشاي والقهوة وأكواب الماء بقدر ما يمنح العمل عطاء في منتهى الليونة.. ولا شك أنه يعد موظفاً مهماً لجميع الموظفين صغيرهم وكبيرهم في تقديم خدماته بما يليق بالمؤسسة أن تمضي قدماً نحو أفضلية الأعمال المناطة للجميع.. وبهذا ترتسخ في المخيلة المقولات الإدارية الشهيرة التي تحفر في أيادي العمال والموظفين وكذا المديرين أنها ليست مجرد شعارات، بقدر ما هي التزامات ينبغي تنفيذها والعمل على إدارتها بكل أريحية وإيجابية متناهية إلى حد الانضباط التام العام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.