مشعل أبا الودع الحربي |
مشعل أبا الودع الحربي
غريبة تلك الطريقة التي يعبر بها بعض الناس عن قيمتهم وعن عزمهم الكبير على الوصول وامتلاك كل شيء وتحقيق الأهداف التي تنتظر كالبنيان المرصوص بجانب أخرى؛ احتمالية بلوغها ضئيلة نوعاً ما...
خلق الإنسان بفطرته يحب التغيير والإنجاز والتقدم، غير أنه أحياناً داهمته المعوقات وتلبسه الكلل والملل، وأصبح من الصعب عليه أن يثابر ويحارب من أجل أحلامه وطموحاته...
إن النفس أمارة بالسوء وإذا اعتاد المرء الاتكالية ولم يجاهد من أجل التغلب على كل الملهيات التي تعيق من تقدمه، سيخلد في نار المعاناة والتشاؤم ولعب دور الضحية، من دون أن يعي حقيقة أنه ضحية نفسه وأهوائه واعتياده الكسل والنوم، وخلقه أعذاراً وهمية تحد من حريته وتقدمه...
الشيء نفسه بالنسبة لبعض المجتمعات العربية التي استيقظت على الثروات الطبيعية من بترول وغاز مكنتها من الحصول على الاكتفاء والوفرة، حيث اعتاد معظم أبناء هذه المجتمعات على الترف والاستهلاك والطموح لامتلاك كل شيء... حتى إن البعض منهم أصبح شعارهم الوحيد "لأكون عليّ أن أمتلك... لكن هذه المرة أمتلك من دون أي جهد يذكر"...
بهذه العبارة اختلت الموازين وتزعزعت القوى، وأصبح وجود الشخص مقروناً بما يمتلك، وأصبحت حياته تدور على التكاثر ومراكمة وامتلاك الأشياء، والبعض أضحت نظرته للناس كذلك مشوهة باعتبار أن لهم أشياء يمكنه امتلاكها هي الأخرى، وبشعوره أن أموال البترول ستمكنه من الحصول على كل ما يرغب فيه...
في الواقع إن على الإنسان أن يستمد قيمته من إنجازاته التي سهر عليها الليالي، وكافح من أجل تحقيقها. ومن يعرف نفسه بما يمتلك من مال أهدته له جنسيته أو قبيلته، فقيمته مزيفة تؤطرها الحدود الجغرافية لبلده...
على الإنسان عامة أن يأخذ معنى حياته من كينونته وليس مما يمتلك، ساعتها يصبح هدفه التعبير عما هو عليه في الحقيقة بدل أن يعرف نفسه بما يمتلك، وهذا ما يمكنه من الانفتاح والتواضع وتوسيع أفكاره وغاياته بهذا الكون، لأن ما يهم في الأخير هو كيفية ارتباط المرء بالكون بشكل سليم والرضا الذي يجده في احتياجاته الخاصة...
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.