سارة محمد |
سارة محمد
تقبع خلف السكون مترادفات متماثلة تجتمع معاً لتصب في بوتقة الذات، فخلف السكون صمت، وخلف السكون شجن، وخلف السكون ألم، وخلف السكون شتات.. كيف لا، والنفس تعصف بها الملمات.. وتتداولها الهفوات.. لتملأ آهاتها صدى الأرجاء..
في السكون حياة يسطرها الاستقرار، وأخرى تشوبها التقلبات..أضداد وتناقضات، طموح وفشل، ثراء وبؤس، حكمة وسفه.. تلك هي الحياة تصنعها المفارقات.. وتكتسحها الملذات...
قد يكون خلف السكون بركان ثائر من الرفض.. وقد يكون خلف السكون حكمة وبصيرة تسمو بصاحبها إلى الذرى.. وقد يكون خلف السكون خيبة أمل جراء سلسلة من الإحباطات..
وقد يحوي السكون في طياته سلاماً داخلياً يغلب عليه طهر النفس والفؤاد.. وقد يحوي السكون صمتاً نسجه الجور المستشري في الأنحاء.. وقد يحوي السكون علاجاً للكبوات ومتنفساً من الضغوطات..
السكون.. كلمة تحمل الكثير .. وتريح الكثير.. فهي تفيض بمعان متعددة الأبعاد .. تحلق بنا تارة في الآفاق، وأخرى تهوي بنا إلى القيعان..
خلف السكون تقبع المشاعر، وخلف السكون تجثو الجراح، وخلف السكون إنسان مزقته الأهوال، وخلف السكون نظرة ثاقبة إلى ما وراء الحاضر.. خلف السكون دمعة لم تجد من يكفكفها، وهي تسيل بحرقة على وجنتي باكيها .. خلف السكون عجز عن تغيير واقع لم يعرف الفرح إليه درباً.. خلف السكون عليل لا يجد من يشفي أسقام جسده.. خلف السكون قلب غارق في متاهات الذنوب والمعاصي.. خلف السكون عقل نير وفكر مبدع يتحينان الفرصة لاغتنامها.. خلف السكون أنثى خاصمها الحب دهراً من الزمن.. خلف السكون طفل أضاع والديه.. خلف السكون زلات وخطايا دمرت محيطها.. خلف السكون صامتون وصامدون في وجه المخربين.
خلف السكون بحار ومحيطات، منها ما يسبق العاصفة ومنها ما يعقبه.. خلف السكون ملاذ للمتدبرين.. وخلاص للتائهين.. خلف السكون قصة إنسان تُروى من الحياة إلى الممات بكل تفاصيلها وخيوطها المتداخلة والمترابطة في الوقت عينه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.