مشعل أبا الودع الحربي |
مشعل أبا الودع الحربي
السقوط هو تعبير يستعمل في الفيزياء للإشارة إلى حركة جسم بتأثير قوة الجذب التي تسحبه نحو مركز الأرض، أو هو عملية انتقال الشيء من مكان إلى آخر أخفض منه بما أن الأشياء كلها في بحث دائم عن مركز استقرار مستمر.
وللسقوط أنواع أخرى لا نعيرها انتباهاً، وهي بمثابة السقوط الأول من حيث المضمون وتختلف معه في الشكل فقط.
تدهور وركود
من بين هذه الأشكال المتعددة يوجد السقوط من العين... وهو عندما تتدهور علاقتك مع أحدهم بعد أن ألحق بك كل أنوار الضرر النفسي.. عندما تذهب كل الوعود في مهب الريح، وتستبدل جلدها لتتحول إلى نفاق مستمر.. عندما تخلو العلاقة من الحماس والدهشة التي رافقتها في البداية فتتحول إلى علاقة راكدة تطفو على السطح... عندما تفقد هذه الأخيرة الاحترام يسقط الطرف المسؤول من أعلى درج من سلم التقدير، وتسقط بذلك كل التوقعات والأحلام التي كانت مرتقبة وذلك الشخص، وللناس في ذلك مذاهب، كل وكيف تكون ردة فعله حينها.غياب الوجوه
أما السقوط الثاني فهو السقوط من الذاكرة، بحيث يتدحرج بعض الناس، ممن عرفناهم في زمن مضى وجمعتنا وإياهم ظروف خاصة، إلى نسيانهم ... عندما تقل اللقاءات تدريجياً وتغيب الوجوه عن العين، فتميل بشكل عفوي إلى الانصهار في الذاكرة، وتغيب كلياً عن أفكارنا، وهي لم تترك لنا ما يذكرنا بها وما يغطي ذاكرتنا المشوشة بالدفء بين الفينة والأخرى... ألم يقولوا إن أصحاب الهدايا يرغبون في الخلود في ذاكرتك إلى الأبد؟توافق والتحام
ويأتي النوع الآخر وهو السقوط من الوجدان، إذ يتنكر القلب لذلك الشخص وينضب... يفرغ كل آثاره منه ويتخلى عن تلك المودة والمحبة التي كانت تزين الفؤاد، وتتغير الأقنعة لتستبدل بأخرى محايدة...وهنا يختلف الأمر بين البشر، نظراً لما يتحكم في ذلك من تجارب متراكمة وتربية ووعي وطريقة في التفكير، وفي تحليل الأمور.. كلها عوامل تتحكم في ردود أفعالنا وتحدد المنهج الذي سنتخذه للتعامل مع المتغيرات من حولنا... ومنه فسبل تسلق القلوب مختلفة، فبعض القلوب يلزمها العطاء والتضحية المادية والمعنوية، وبعضها يلزمها الخضوع والاستسلام، وأخرى يلزمها التوافق والالتحام، والبعض الآخر يلزمها الانسجام والتزاوج في الأفكار.
محو الآثار
وبعد.. فكيفما كان نوع السقوط بكل المعاني السلبية التي ترافقه، تربط بين كل أنواعه علاقة ترابط واستلزام، فالسقوط من العين يؤدي إلى السقوط من القلب وبعدها من الذاكرة بشكل تام... وذلك لا يعطي للأمر خاصية القاعدة، فأحياناً قد يسقط الإنسان من القلب، وعلى الرغم من ذلك يفرض عليك الاستمرار في احترامه وتقديره.ويبقى أسوأ سقوط هو عندما يسقط الإنسان من العين، ولكن القلب لا يجد لذلك مخرجاً، فيبقى متصلباً فيه لا ينفك عن مغادرته... فهل الزمن كفيل بمحو كل الآثار أم أن الحب خالد لا يؤمن بفصل التقادم؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.