أمل أكرو: قوة العادات في ظل جائحة كورونا |
إن منطق العقل وروح الجسد يقضيان ويفرضان على الإنسان العمل على تحقيق التكامل والتناسق الجسدي قبل الفكري.. إذ يقول المثل: "صحة البدن في صحة التفكير".. وبالتالي تجسيد مبدأ الرشاقة وسيادة الصحة.. خاصة في العلاقة الثنائية التي تربط الإنسان بمحيطه المجتمعي. وفي ظل الأوضاع الاستثنائية التي يعيشها العالم تحت جائحة كورونا والحجر الصحي المقيد لحركة الفرد.. مما يعني زيادة الوزن باكتساب كيلو غرامات عدة.. والتقلب النفسي الذي يعجز المرء عن مداواته.
مبدأ توازن الجسد
في مثل هذه الظروف يلجأ الشخص إلى الأكل للتسلية.. ومن أجل كسر الملل، من دون أن يكون عنده بالفعل شعور بالجوع.. إذ غالباً ما تتمتع شهية الانسان بسلطات واسعة وامتيازات عديدة تجاه الوجبات المغرية.. الأمر الذي يخل بمبدأ توازن الجسد بين طرفي المعادلة البدنية، ويفرغها من جوهرها الحقيقي.. والذي هو الوسطية والاعتدال، ويأتي تحت توصيات الأطباء والاختصاصيين بضرورة نهج أسلوب حياة صحي وممارسة الرياضة ولو بشكل عرضي، مع الإكثار من شرب المياه كونها تساعد على حرق الدهون، والتركيز على البروتين والخضار. وغيرها من الارشادات التي تساعد التائه في معالم الصحة والجمال على إيجاد ضالته والتمتع بجسم متناسق القوام. ولبلوغ نتيجة مرضية لابد من قوة العزيمة والإصرار وإقناع العقل الباطن بأن الشحوم تشكل خطورة على القلب والشرايين، وكذلك العديد من الأمراض التي نكون في غنى عنها ونتفاداها باتباع أسلوب حياة صحي أقرب إلى المثالية.
التغيير يولد شعور الولادة
أتفق مع من يقول إن البداية صعبة.. وقوية لأصحاب العزيمة والإرادة المنفردة ممن لديهم حلم وهدف واضح، ومن يأبه صعود الجبال يعش أبد الدهر بين الحفر.. والقمم دائماً وأبداً غاية كل شخص، ولا يصل اليها سوى الصابر المكافح الذي حرم نفسه المغريات والملهيات التي تمنحه لحظة زائلة. فالتغيير يولد شعور الولادة من جديد، وإرادة الاعتقاد هي أكثر المكونات أهمية في إيجاد الاعتقاد بالتغيير، وتبرز العادات ضمن الأساليب الأشد أهمية في تكوين الاعتقاد. فالعادات هي التي تسمح لنا بفعل شيء صعب وقوي، ثم سرعان ما يصبح ذلك الشيء أكثر سهولة تدريجياً.. وفي النهاية ومع الممارسة الكافية والمداومة، نمارس هذه العادات بطريقة آلية ومن دون شعور. وبالتالي يعود روتين حياة حالما نختار الهوية التي نريدها، والشكل الجديد الذي نطمح له، فالورقة أو المعطف إن تعرض للثني فإنه يميل إلى الأبد، ويتجه لاحقاً إلى اتخاذ شكل الثنيات نفسها.
اختيارات غير مدروسة
فإذا شعرت أنك تريد التغيير، ولكن البيئة المحيطة بك لا تساعد.. فإني هنا أستحضر قول الكاتب ديفيد فوستر والاس "كانت هناك سمكتان تسبحان معاً، وتقابلتا مصادفة مع سمكة كبيرة في السن، كانت تسبح في الاتجاه الآخر، والتي أومأت إليهما، وقالت: صباح الخير أيها الأولاد. كيف حال الماء؟ فسبحت السمكتان قليلاً، وفي النهاية نظرت إحداهما إلى الأخرى وقالت: ما الماء بحق الله؟".. والماء هنا هو العادات والاختيارات غير المدروسة والقرارات الخفية التي تحيط بنا كل يوم.. والتي حين نمعن النظر إليها تصبح مرئية بشكل دقيق.. وعلى الإنسان أن يشق لنفسه قناة مياه عميقة ومتسعة، وبعد توقفه عن التدفق يستأنف العمل.. عندها يتدفق من جديد في المسار الذي رسمه بنفسه.
هكذا هي الحياة.. أنت مخير، وإن كنت ترى أنك مسير.. لذا كافح واجتهد في شتى مجالات الحياة.. ليس في مجال صحتك فحسب، بل انطلق واصنع تغييراً يقلب مسار حياتك رأساً على عقب، بشكل مبهر ملفت.
* كاتبة مغربية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.