الدكتور توفيق السيف |
كتب: المحرر
عندما يناقش قضايا الفكر السياسي فإنه يطرح الرؤى العقلانية التي تقدم حلولاً تسهم في خلق بيئة مثالية، وحين يطرح أفكاره في مسائل تجديد الفكر الديني، فإنه لا يصادم بل يحلل بعمق ويقدم عبر قراءاته الخاصة ما يجب أن يكون..
إنه المفكر والباحث السعودي الدكتور توفيق السيف الذي يجمع في أعماقه جملة من الأشخاص وليس شخصاً واحداً، فهو القارئ النهم، والمحلل العميق، والباحث المتمرس، والناقد الموضوعي، والداعي إلى السلام في كل مكان، وصانع المحبة أينما حلّ، والمتسامح الذي يرسم خطوط الأمل، وصاحب العقل المختلف الذي لا يقبل بالنمطية والتقليد السلبي.
حالة استثنائية
من سمات د. توفيق السيف أنه صريح إلى درجة كبيرة، ولو كتب في مسألةٍ ما فلا يتحرج من ذكر المشكلة وأسبابها وإن انزعج البعض من ذلك، لكنه في المقابل يتحدث عن الخيارات المتاحة للخلاص، وكثيراً ما أثار الجدل من خلال أفكاره عن التراث الإسلامي، وأمور التربية المدرسية والتعليم، وإشكاليات التشدد الديني والتطرف، وأهمية التعايش والتسامح، ولديه أفكار أخرى عن الرجعية والتعددية والتعايش والتعصب وثقافة الاختلاف ومفهوم الحرية.. وغير ذلك.ولا نبالغ لو قلنا إن د. السيف حالة استثنائية، فما يقتنع به نراه أمامنا من دون مواربة، سواء من خلال مقالاته في صحيفة الشرق الأوسط أو تغريداته على "تويتر" أو حواراته في القنوات الفضائية. لكنه مع ذلك يظل متفائلاً بأن الجميل مقبل، وأن المجتمعات سوف تصحح مساراتها الخاطئة، لتتوجه نحو صناعة مستقبل أفضل.
الأوبئة وإيجاد البدائل
من تفاؤله، ما جاء في مقال حديث له نشر في صحيفة الشرق الأوسط بعنوان (الفرج بعد الشدة).. وفيه يرى أن الأوبئة التي تسبب اضطراباً وفوضى في نظام العالم وتفتك بالبشر، سوف ينتج عنها رغبة أو حاجة للتطوير والتغيير، بمعنى إيجاد البدائل لما هو موجود من نظم كشف الوباء خللاً فيها يكمن في ضعف استجابتها لحاجات البشر، وغير ذلك من تجهيزات أو طرق عمل ومناهج استبعدت لكنها صارت ممكنة اليوم، وبرأيه قد تكون أكثر فائدة مما نعتقد.ومن قناعته بأن الجميع في مركب واحد، ولا فرق بين شخص وآخر أياً كان انتماؤه، فقد كتب تغريدة يعلق فيها على ما نشر في "الشرق الأوسط" بعنوان (استجابات عربية ودولية لنداء الصلاة والدعاء اليوم لـ"الخلاص من كورونا"):
(فلندع الله جميعاً بقلوب مشتاقة إلى رحمته ليرفع عن عباده البلاء.. كلنا شركاء في هذا المصاب، وربنا لن يخذلنا.. سبحانه وتقدست أسماؤه..).
الاختبار والمضمون الخرافي
صراحة د. توفيق السيف لا تغادره وإن كانت المسألة دينية جدلية، لذا نجده يناقش موضوع شيخ مشهور ومسموع الكلمة، تناقل عشرات الألوف من البشر في العالم حديثاً له عن جائحة "كورونا"، يقول فيه إن هذا الوباء اختبار رباني للبشر لإظهار قدرة الباري سبحانه، وتذكير البشر الآثمين بجبروته كي يتعظوا.. ويرى السيف أن استحسان الناس لحديث الشيخ يشير إلى أن كلامه يحاكي قناعات عميقة في نفوس مستمعيه..لذا جاء رأي د. توفيق السيف تحت عنوان (في الإعجاز والاختبار والعذاب الإلهي) وفيه تحدث عن مضمون خرافي في القول بأن الله يعاقب البشر من خلال التدخل المباشر في النظام الكوني.. وأكد السيف أن الكون يدور ويتحرك وفق نظام ثابت، أسماه القرآن "سنة الله" و"آيات الله" و"فطرة الله". وتابع: لو تأملت في هذا النظام لوجدته كله، قواعده وتفصيلاته، تسير وفق منطق دقيق، منطق يفهمه البشر ويستوعبون تفصيلاته، ولذلك يستعملونه ويسخرون أدواته لتحسين معيشتهم، وهذا بالتحديد مراد الخالق سبحانه.
وختم السيف مقاله داعياً المشايخ الكرام والدعاة الأفاضل إلى القراءة العقلانية والإنسانية للدين.. القراءة التي تنظر للعالم باعتباره مختبراً للعقل والفكر والرحمة، لا ساحة للعذاب وانتقام القوي من عباده الضعفاء.
تحريك الراكد
أخيراً.. مهما قلنا عن الدكتور توفيق السيف نجد أننا لم نكتفِ من الحديث، فهو بحق شخصية فكرية وثقافية ومعرفية عربية، لم يهدأ في تحريك الراكد عبر ثلاثة عقود وربما أكثر من تجربته في الكتابة الصحفية والبحث التفكيكي والتحليلي والاستقرائي، وطرح الأفكار التي من شأنها أن تصنع التغيير في مختلف المراحل.
وللاطلاع على المزيد من أفكار د. السيف يمكن زيارة موقعه الإلكتروني عبر الرابط التالي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.